الأنبياء كما كان جبريل ينزل بالوحي على نبينا وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه على الجميع. وقوله: عذرًا أو نذرًا، أي: لأجل الإِعذار والإِنذار، أي: بذلك الذكر الذي تتلوه وتلقيه. والإِعذار: قطع العذر بالتبليغ. والإِنذار قد قدمنا إيضاحه وبينا أنواعه في أول سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: {المص (١) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)}.
وقوله في هذه الآية: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢)} الملائكة تزجر السحاب، وقيل: تزجر الخلائق عن معاصي الله بالذكر الذي تتلوه، وتلقيه إلى الأنبياء.
وممن قال بأن الصافات والزاجرات والتاليات في أول هذه السورة الكريمة هي جماعات الملائكة: ابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد وقتادة. كما قاله القرطبي وابن كثير وغيرهما. وزاد ابن كثير وغيره ممن قال به: مسروقًا والسدي، والربيع بن أنس. وقد قدمنا أنه قول أكثر أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: الصافات في الآية الطير تصف أجنحتها في الهواء، واستأنس لذلك بقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ} الآية. وقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} الآية.
وقال بعض العلماء: المراد بالصافات جماعات المسلمين يصفون في مساجدهم للصلاة، ويصفون في غزوهم عند لقاء العدو، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)}.