وقال بعض العلماء أيضًا: المراد بالزاجرات زجرًا، والتاليات ذكرًا: جماعات العلماء العاملين يلقون آيات الله على الناس، ويزجرون عن معاصي الله بآياته، ومواعظه التي أنزلها على رسله.
وقال بعضهم: المراد بالزاجرات زجرًا: جماعات الغزاة يزجرون الخيل، لتسرع إلى الأعداء. والقول الأول أظهر وأكثر قائلًا.
ووجه توكيده تعالى قوله: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤)} بهذه الأقسام، وبإن واللام هو أن الكفار أنكروا كون الإله واحدًا إنكارًا شديدًا، وتعجبوا من ذلك تعجبًا شديدًا، كما قال تعالى عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} ولما قال تعالى: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤)} أقام الدليل على ذلك بقوله: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥)} فكونه خالق السماوات والأرض الذي جعل فيها المشارق والمغارب برهان قاطع على أنه المعبود وحده.
وهذا البرهان القاطع الذي أقامه هنا على أنه هو الإله المعبود وحده أقامه على ذلك أيضًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)} فقد أقام البرهان على ذلك بقوله بعده متصلًا به: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)}.
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: فإن قلت: ما حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات؟ قلت: إما أن تدل على