وأما قول إمام الحرمين: إنه لو ثبت لنقل متواترا فهو ظاهر السقوط، لأن مثل هذا لا يرد بعدم التواتر.
فإذا عرفت مما تقدم أن صلاة السفر فرضت ركعتين كما صح به الحديث عن عائشة وابن عباس وعمر -رضي الله عنهم- فاعلم أن ابن كثير بعد أن ساق الحديث عن عمر، وابن عباس، وعائشة قال ما نصه: وإذا كان كذلك فيكون المراد بقوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} أن تقصروا من الصلاة قصر الكيفية، كما في صلاة الخوف، ولهذا قال:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية ولهذا قال بعدها: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} الآية. فبين المقصود من القصر ها هنا، وذكر صفته وكيفيته اهـ. محل الغرض منه بلفظه وهو واضح جدا فيما ذكرنا، وهو اختيار ابن جرير.
وعلى هذا القول فالآية في صلاة الخوف، وقصر الصلاة في السفر عليه مأخوذ من السنة، لا من القرآن.
وفي معنى الآية الكريمة أقوال أخر.
أحدها: أن معنى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الاقتصار على ركعة واحدة في صلاة الخوف، كما قدمنا آنفا من حديث ابن عباس عند مسلم، والنسائي، وأبي داود، وابن ماجه، وقدمنا أنه رواه ابن ماجه عن طاوس، وقد روى نحوه أبو داود، والنسائي من حديث حذيفة قال:"فصلى بهؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة ولم يقضوا" ورواه النسائي أيضا من حديث زيد بن