للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجوابه ما قدمناه آنفا عن ابن كثير من أن صلاة الحضر لما زيد فيها واستقر ذلك صح أن يقال: إن فرض صلاة الحضر أربع كما قال ابن عباس.

وأما تضعيفه بالاضطراب فهو ظاهر السقوط؛ لأنه ليس فيه اضطراب أصلا، ومعنى فرض الله وفرض رسول الله واحد؛ لأن الله هو المشرع والرسول هو المبين، فإذا قيل: فرض رسول الله كذا فالمراد أنه مبلغ ذلك عن الله، فلا ينافي أن الله هو الذي فرض ذلك كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ونظيره حديث "إن إبراهيم حرم مكة" مع حديث "إن مكة حرمها الله" الحديث.

وأما رده بأن المغرب والصبح لم يزد فيهما فهو ظاهر السقوط أيضا؛ لأن المراد بالحديث الصلوات التي تقصر خاصة كما هو ظاهر، مع أن بعض الروايات عن عائشة عند ابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي. قالت: "فرضت صلاة السفر والحضر ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة واطمأن، زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار" وعند أحمد من طريق ابن كيسان في حديث عائشة المذكور "إلا المغرب فإنها كانت ثلاثا". وهذه الروايات تبين أن المراد خصوص الصلوات التي تقصر.

وأما رده بأنه غير مرفوع فهو ظاهر السقوط؛ لأنه مما لا مجال فيه للرأي، فله حكم المرفوع، ولو سلمنا أن عائشة لم تحضر فرض الصلاة فإنها يمكن أن تكون سمعت ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمنها معه، ولو فرضنا أنها لم تسمعه منه فهو مرسل صحابي،