لم يذكر في هذه الآية إلَّا المشارق وحدها، ولم يذكر فيها المغارب.
وقد بينا في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب): وجه اختلاف ألفاظ الآيات في ذلك. فقلنا فيه في الكلام على قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} ما لفظه: أفرد في هذه الآية الكريمة المشرق والمغرب، وثناهما في سورة الرحمن في قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧)} وجمعهما في سورة سأل سائل في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} وجمع المشارق في سورة الصافات في قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥)}.
والجواب: أن قوله هنا: وللَّه المشرق والمغرب المراد به جنس المشرق والمغرب، فهو صادق بكل مشرق من مشارق الشمس التي هي ثلاثمائة وستون، وكل مغرب من مغاربها التي هي كذلك كما روي عن ابن عباس وغيره.
قال ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وإنما معنى ذلك: وللَّه المشرق الذي تشرق منه الشمس كل يوم، والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم.
فتأويله إذا كان ذلك معناه: وللَّه ما بين قطري المشرق وقطري المغرب إذا كان شروق الشمس كل يوم من موضع منه لا تعود لشروقها منه إلى الحول الذي بعده، وكذلك غروبها. انتهى منه بلفظه.
وقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧)} يعني مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، ومغربهما كما عليه الجمهور، وقيل: مشرق الشمس والقمر ومغربهما.