الكلام بين القسم والمقسم عليه، الذي هو {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)}، حذفت منه لام القسم.
ومنهم من قال: إن المقسم عليه هو قوله: (ص)، قالوا: معنى (ص) صدق رسول الله والقرآن ذي الذكر. وعلى هذا فالمقسم عليه هو صدقه - صلى الله عليه وسلم - .
ومنهم من قال: المعنى: هذه ص أي السورة التي أعجزت العرب، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)}.
إلى غير ذلك من الأقوال التي لا يخفى سقوطها.
وقال بعض العلماء: إن المقسم عليه محذوف. واختلفوا في تقديره، فقال الزمخشري في الكشاف: التقدير {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)}. إنه لمعجز. وقدره ابن عطية وغيره فقال: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)} ما الأمر كما يقوله الكفار.
إلى غير ذلك من الأقوال.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر صوابه بدليل استقراء القرآن: أن جواب القسم محذوف وأن تقديره: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)}، ما الأمر كما يقوله الكفار، وأن قولهم المقسم على نفيه شامل لثلاثة أشياء متلازمة:
الأول منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل من الله حقًا، وأن الأمر ليس كما يقول الكفار في قوله تعالى عنهم:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا}.
والثاني: أن الإله المعبود جل وعلا واحد، وأن الأمر ليس كما يقوله الكفار في قوله تعالى عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)}.