وقد بين تعالى أن المراد بذكر إهلاك الأمم الماضية بسبب الكفر وتكذيب الرسل تهديد كفار مكة، وتخويفهم من أن ينزل بهم مثل ما أنزل بأولئك إن تمادوا على الكفر وتكذيبه - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر تعالى ذلك في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠)}، لأن قوله تعالى: {وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠)} تهديد عظيم بذلك.
وقوله تعالى: {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)}، فقوله: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)} فيه تهديد عظيم لمن يعمل عمل قوم لوط من الكفر وتكذيب نبيهم، وفواحشهم المعروفة، وقد وبخ تعالى من لم يعتبر بهم، ولم يَحْذَرْ أن ينزل به مثل ما نزل بهم، كقوله في قوم لوط: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)}، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (٤٠)}، وقوله فيهم: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥)}، وقوله فيهم: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦)}، وقوله فيهم وفي قوم شعيب: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (٧٩)}. والآيات بمثل ذلك كثيرة.