للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}.

وقد ذكرنا الآيات الدالة على ذلك بكثرة في أول سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢)}.

والظاهر أن (ما) في قوله: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} مصدرية، أي فوقاه الله سيئات مكرهم، أي أضرار مكرهم وشدائده، والمكر: الكيد.

فقد دلت هذه الآية الكريمة، علي أن فرعون وقومه أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن الكريم، وأن الله وقاه، أي حفظه ونجاه من أضرار مكرهم وشدائده، بسبب توكله على الله، وتفويضه أمره إليه.

وبعض العلماء يقول: نجاه الله منهم مع موسى وقومه وبعضهم يقول: صعد جبلًا فأعجزهم الله عنه ونجاه منهم. وكل هذا لا دليل عليه، وغاية ما دل عليه القرآن أن الله وقاه سيئات مكرهم، أي حفظه ونجاه منها.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥)} معناه أنهم كما أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن، وقاه الله مكرهم، ورد العاقبة السيئة عليهم، فرد سوء مكرهم إليهم، فكان المؤمن المذكور ناجيًا في الدنيا والآخرة، وكان فرعون وقومه هالكين في الدنيا والآخرة والبرزخ.