السماء خلقت قبل الأرض، كقوله تعالى في النازعات: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)} إلى قوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)}.
فقلنا في كتابنا المذكور ما نصه: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية، هذه الآية تدل على أن خلق الأرض قبل خلق السماء، بدليل لفظة (ثم) التي هي للترتيب والانفصال.
وكذلك آية حم السجدة، تدل أيضًا على خلق الأرض قبل السماء؛ لأنه قال فيها:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى أن قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} الآية.
مع أن آية النازعات تدل على أن دحو الأرض بعد خلق السماء؛ لأنه قال فيها: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)}، ثم قال: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)}.
اعلم أولًا أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن الجمع بين آية السجدة وآية النازعات، فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولًا قبل السماء غير مدحوة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعًا في يومين، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك.
فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك بعد خلق السماء.
ويدل لهذا أنه قال: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)}، ولم يقل: خلقها، ثم فسر دحوه إياها بقوله: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١)}.
وهذا الجمع الذي جمع به ابن عباس بين هاتين الآيتين واضح