وعبر عنه بالعذاب في سورة الشعراء في قوله تعالى: {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} الآية.
ومعنى هذه العبارات كلها راجع إلى شيء واحد، وهو أن الله أرسل عليهم صيحة أهلكتهم، والصيحة الصوت المزعج المهلك.
والصاعقة تطلق أيضًا على الصوت المزعج المهلك، وعلى النار المحرقة، وعليهما معًا، ولشدة عظم الصيحة وهولها من فوقهم، رجفت بهم الأرض من تحتهم، أي تحركت حركة قوية، فاجتمع فيها أنها صيحة وصاعقة ورجفة، وكون ذلك تدميرًا واضح. وقيل لها طاغية؛ لأنها واقعة مجاوزة للحد في القوة وشدة الإِهلاك.
والطغيان في لغة العرب: مجاوزة الحد.
ومنه قوله تعالى:{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} الآية، أي جاوز الحطدود التي يبلغها الماء عادة.
واعلم أن التحقيق أن المراد بالطاغية في قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥)} أنها الصيحة التي أهلكهم الله بها، كما يوضحه قوله بعده: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦)}.
خلافًا لمن زعم أن الطاغية مصدر، كالعاقبة والعافية، وأن المعنى أنهم أهلكوا بطغيانهم، أي بكفرهم وتكذيبهم نبيهم، كقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١)}.
وخلافًا لمن زعم أن الطاغية هي أشقاهم، الذي انبعث فعقر الناقة، وأنهم أهلكوا بسبب فعله وهو عقره الناقة.