فقد أوضحت الآية أن المشرعين غير ما شرعه الله إنما تصف ألسنتهم الكذب، لأجل أن يفتروه على الله، وأنهم لا يفلحون، وأنهم يمتعون قليلًا ثم يعذبون العذاب الأليم، وذلك واضح في بُعْدِ صفاتهم من صفات من له أن يحلل ويحرم.
فقوله:{هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} صيغة تعجيز، فهم عاجزون عن بيان مستند التحريم، وذلك واضح في أن غير الله لا يتصف بصفات التحليل ولا التحريم، ولما كان التشريع وجميع الأحكام، شرعية كانت أو كونية قدرية، من خصائص الربوبية، كما دلت عليه الآيات المذكورة = كان كل من اتبع تشريعًا غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرع ربًا، وأشركه مع الله.
والآيات الدالة على هذا كثيرة، وقد قدمناها مرارًا، وسنعيد منها ما فيه كفاية.
فمن ذلك، وهو من أوضحه وأصرحه: أنه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقعت مناظرة بين حزب الرحمن، وحزب الشيطان، في حكم من أحكام التحريم والتحليل، وحزب الرحمن يتبعون تشريع الرحمن في وحيه في تحريمه، وحزب الشيطان يتبعون وحي الشيطان في تحليله.
وقد حكم الله بينهما وأفتى فيما تنازعوا فيه فتوى سماوية قرآنية تتلى في سورة الأنعام.