وعلى التفسير الأول وهو أن الميزان: العدل والإِنصاف، فالميزان الذي هو آلة الوزن المعروفة داخل فيه، لأن إقامة الوزن بالقسط من العدل والإِنصاف.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الله تعالى هو الذي أنزل الكتاب والميزان أوضحه في غير هذا الموضع، كقوله تعالى في سورة الحديد:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}.
فصرح تعالى لأنه أنزل مع رسله الكتاب والميزان لأجل أن يقوم الناس بالقسط، وهو العدل والإنصاف، وكقوله تعالى في سورة الرحمن: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩)}.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن الميزان في سورة الشورى وسورة الحديد هو العدل والإِنصاف، كما قاله غير واحد من المفسرين.
وأن الميزان في سورة الرحمن هو الميزان المعروف، أعني آلة الوزن التي يوزن بها بعض المبيعات.
ومما يدل على ذلك أنه في سورة الشورى وسورة الحديد عبر بإنزال الميزان لا بوضعه، وقال في سورة الشورى:{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ}، وقال في الحديد:{وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ}.
وأما في سورة الرحمن فقد عبر بالوضع لا الإِنزال، قال: