الْقُرْبَى} كما تقدم إيضاحه في سورة الأنفال في الكلام على آية الخمس هذه.
وأما العشيرة فقد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عباس أنه لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصفا فجعل ينادي "يا بني فهر، يا بني عدي"، لبطون قريش، حتى اجتمعوا. الحديث. وفيه تحديد العشيرة الأقربين بجميع بني فهر بن مالك وهو الجد العاشر له - صلى الله عليه وسلم - .
وفي رواية أبي هريرة في الصحيح: أنه لما نزلت الآية المذكورة قال: "يا معشر قريش أو كلمة نحوها" الحديث، وقريش هم أولاد فهر بن مالك، وقيل: أولاد النضر بن كنانة، والأول هو الأظهر، لحديث ابن عباس المذكور، وعليه الأكثر.
تنبيه
فإن قيل: ذكرتم أن ظاهر القرآن يدل على دخول أولاد البنات في لفظ البنين، والشاعر يقول في خلاف ذلك:
بَنُونَا بَنُو أبْنَائِنا وَبَنَاتُنا ... بَنُوهُنَّ أبناء الرِّجال الأباعِدِ
وكثير من أهل الفقه يذكرون البيت المذكور، على سبيل التسليم له، قالوا: ومما يوضح صدقه أنهم ينسبون إلى رجال آخرين ربما كانوا أعداء لأهل أمهاتهم، وكثيرًا ما يتبع الولد أباه وعصبته في عداوة أخواله وبغضهم كما هو معلوم.
فالجواب: أن الواحد بالشخص له جهتان، فمعنى لفظ الابن له جهة خاصة هي معنى كونه خلق من ماء هذا الرجل على وجه يلحق فيه نسبه به، وهذا المعنى منفي عن والد أُمِّه، فلا يقال له "ابن" بهذا الاعتبار، وثابت لأبيه الذي خلق من مائه، وله جهة أخرى هي كونه