خارجًا في الجملة من هذا الشخص، سواء كان بالمباشرة، أو بواسطة ابنه أو بنته وإن سفل، فالبنوة بهذا المعنى ثابتة لولد البنت، وهذا المعنى هو الذي عناه - صلى الله عليه وسلم - في قوله في الحسن بن علي رضي الله عنهما:"وإن ابني هذا سيد" الحديث، وهو المراد في الآيات القرآنية، كقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ}، وقوله تعالى:{وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}، وكقوله تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ} الآية.
فلفظ البنات والأبناء في جميع الآيات المذكورة شامل لجميع أولاد البنين والبنات وإن سفلوا، وإنما شملهم من الجهة المذكورة بالاعتبار المذكور، وهو إطلاق لفظ الابن علي كل من خرج من الشخص في الجملة، ولو بواسطة بناته.
وأما البيت المذكور فالمراد به الجهة الأولى والاعتبار الأول؛ فإن بني البنات ليسوا أبناء لآباء أمهاتهم من تلك الجهة، ولا بذلك الاعتبار؛ لأنهم لم يخلقوا من مائهم وإنما خلقوا من ماء رجال آخرين، ربما كانوا أباعد وربما كانوا أعداء.
فصح بهذا الاعتبار نفي البنوة عن ابن البنت، وصح بالاعتبار الأول إثبات البنوة له، ولا تناقض مع انفكاك الجهة.
وإذا عرفت معنى الجهتين المذكورتين وأنه بالنظر إلى إحداهما تثبت البنوة لابن البنت وبالنظر إلى الأخرى تنتفي عنه.
فاعلم أن قوله - صلى الله عليه وسلم - :"إن ابني هذا سيد" وقوله تعالى: {وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} ونحوها من الآيات ينزل على إحدى الجهتين،