رجل من القريتين) أي من إحدى القريتين، وهما مكة والطائف (عظيم) يعنون بعظمه كثرة ماله وعظم جاهه، وعلو منزلته في قومه، وعظيم مكة الذي يريدون هو الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، وفي مرة بن كعب يجتمع نسبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل: هو عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.
وعظيم الطائف: هو عروة بن مسعود، وقيل: حبيب بن عمرو بن عمير، وقيل: هو كنانة بن عبد ياليل، وقيل غير ذلك.
وإيضاح الآية أن الكفار أنكروا أولًا أن يبعث الله رسولًا من البشر، كما أوضحناه مرارًا.
ثم لما سمعوا الأدلة على أن الله لم يبعث إلى البشر رسولًا إلا من البشر تنازلوا عن اقتراحهم إرسال رسل من الملائكة إلى اقتراح آخر، وهو اقتراح تنزيل هذا القرآن على أحد الرجلين المذكورين.
وهذا الاقتراح يدل على شدة جهلهم، وسخافة عقولهم، حيث يجعلون كثرة المال والجاه في الدنيا، موجبًا لاستحقاق النبوة وتنزيل الوحي.
ولذا زعموا أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ليس أهلًا لإِنزال هذا القرآن عليه، لقلة ماله، وأن أحد الرجلين المذكورين أحق أن ينزل عليه القرآن منه - صلى الله عليه وسلم - .
وقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة، شدة جهلهم، وسخافة عقولهم بقوله:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}، والظاهر المتبادر أن المراد برحمة ربك النبوة وإنزال الوحي.