للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإطلاق الرحمة على ذلك متعدد في القرآن، كقوله تعالى في الدخان: {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} الآية، وقوله في آخر القصص: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيكَ الْكِتَابُ إلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} الآية، وقوله في آخر الأنبياء: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ (١٠٧)}.

وقد قدمنا الآيات الدالة على إطلاق الرحمة والعلم على النبوة في سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَينَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} الآية.

وقدمنا معاني إطلاق الرحمة في القرآن في سورة فاطر، في الكلام على قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} الآية.

وقوله تعالى في هذه الآية: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} يعني أنه تعالى لم يفوض إليهم أمر معايشهم وحظوظهم في الدنيا، بل تولى هو جل وعلا قسمة ذلك بينهم، فجعل هذا غنيًّا وهذا فقيرًا، وهذا رفيعًا وهذا وضيعًا، وهذا خادمًا وهذا مخدومًا، ونحو ذلك، فإذا لم يفوض إليهم حظوظهم في الدنيا، ولم يحكمهم فيها، بل كان تعالى هو المتصرف فيها بما شاء كيف شاء، فكيف يفوض إليهم أمر إنزال الوحي حتى يتحكموا في من ينزل إليه الوحي؟

فهذا مما لا يعقل، ولا يظنه إلا غبي جاهل كالكفار المذكورين.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} التحقيق إن شاء الله أنه من التسخير، ومعنى تسخير بعضهم