للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبعض: خدمة بعضهم لبعض وعمل بعضهم لبعض؛ لأن نظام العالم في الدنيا يتوقف قيامه على ذلك، فمن حكمته جل وعلا أن يجعل هذا فقيرًا مع كونه قويًّا قادرًا على العمل، ويجعل هذا ضعيفًا لا يقدر على العمل بنفسه ولكنه تعالى يهيئ له دراهم يؤجر بها ذلك الفقير القوي، فينتفع القوي بدراهم الضعيف والضعيف بعمل القوي، فتنتظم المعيشة لكل منهما، وهكذا.

وهذه المسائل التي ذكرها الله جل وعلا في هذه السورة الكريمة جاءت كلها موضحة في آيات أخر من كتاب الله.

أما زعمهم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أنقص شرفًا وقدرًا من أن ينزل عليه الوحي، فقد ذكره الله عنهم في (ص) في قوله تعالى: {أَأُنْزِلَ عَلَيهِ الذِّكْرُ مِنْ بَينِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} الآية.

فقول كفار مكة: {أَأُنْزِلَ عَلَيهِ الذِّكْرُ مِنْ بَينِنَا} معناه إنكارهم أن يخصه الله بإنزال الوحي من بينهم، لزعمهم أن فيهم من هو أحق بالوحي منه، لكثرة ماله وجاهه وشرفه فيهم.

وقد قال قوم صالح مثل ذلك لصالح، كما قال تعالى عنهم: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيهِ مِنْ بَينِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥)}.

فقلوب الكفار متشابهة، فكانت أعمالهم متشابهة، كما قال تعالى: {كَذَلِكَ قَال الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}، وقال تعالى: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣)}.

وأما اقتراحهم إنزال الوحي على غيره منهم، وأنهم لا يرضون خصوصيته بذلك دونهم، فقد ذكره تعالى في سورة الأنعام