فزعم ابن الزبعرى أن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اقتضى مساواة الأصنام مع عيسى في دخول النار مع أنه - صلى الله عليه وسلم - يعترف بأن عيسى رسول الله وأنه ليس في النار، دل ذلك على بطلان كلامه عنده.
وعند ذلك أنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} الآية، وأنزل الله أيضًا قوله تعالى:{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} الآية.
وعلى هذا القول فمعنى قوله تعالى:(ما ضربوه لك إلا جدلًا)، أي ما ضربوا عيسى مثلًا إلا من أجل الجدل والخصومة بالباطل.
وقيل: إن (جدلًا) حال، وإتيان المصدر المنكر حالًا كثير، وقد أوضحنا توجيهه مرارًا.
والمراد بالجدل هنا الخصومة بالباطل لقصد الغلبة بغير حق.
قال جماعة من العلماء: والدليل على أنهم قصدوا الجدل بشيء يعلمون في أنفسهم أنه باطل، أن الآية التي تذرعوا بها إلى الجدل، لا تدل البتة على ما زعموه، وهم أهل اللسان، ولا تخفى عليهم معاني الكلمات.
والآية المذكورة إنما عبر الله فيها بلفظة (ما) التي هي في الوضع العربي لغير العقلاء، لأنه قال:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} ولم يقل: (وَمَن تعبدون) وذلك صريح في أن المراد الأصنام، وأنه