للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يتناول عيسى ولا عزيرًا ولا الملائكة، كما أوضح تعالى أنه لم يرد ذلك بقوله تعالى بعده: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} الآية.

وإذا كانوا يعلمون من لغتهم أن الآية الكريمة لم تتناول عيسى بمقتضى لسانهم العربي الذي نزل به القرآن، تحققنا أنهم ما ضربوا عيسى مثلًا إلا لأجل الجدل والخصومة بالباطل.

ووجه التعبير في صيغة الجمع في قوله: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إلا جَدَلًا}، مع أن ضارب المثل واحد وهو ابن الزبعرى يرجع إلى أمرين:

أحدهما: أن من أساليب اللغة العربية إسناد فعل الرجل الواحد من القبيلة إلى جميع القبيلة، ومن أصرح الشواهد العربية في ذلك قوله:

فسيف بني عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد

فإنه نسب الضرب إلى جميع بني عبس، مع تصريحه بأن السيف في يد رجل واحد منهم، وهو ورقاء بن زهير، والشاعر يشير بذلك إلى قتل خالد بن جعفر الكلابي لزهير بن جذيمة العبسي، وأن ورقاء بن زهير ضرب بسيف بني عبس رأس خالد بن جعفر الكلابي الذي قتل أباه، ونبا عنه، أي لم يؤثر في رأسه؛ فإن معنى "نبا السيف" ارتفع عن الضريبة ولم يقطع.

والشاعر يهجو بني عبس بذلك.

والحروب التي نشأت عن هذه القصة، وقتل الحارث بن ظالم المري لخالد المذكور، كل ذلك معروف في محله.

والأمر الثاني: أن جميع كفار قريش، صوبوا ضرب ابن الزبعرى عيسى مثلًا، وفرحوا بذلك، ووافقوه عليه، فصاروا كالمتمالئين عليه.