للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن نزول عيسى المذكور، لما كان علامة لقربها، كانت تلك العلامة سببًا لعلم قربها، فأطلق في الآية المسبب وأريد السبب.

وإطلاق المسبب وإرادة السبب، أسلوب عربي معروف في القرآن، وفي كلام العرب.

ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا}. فالرزق مسبب عن المطر والمطر سببه، فأطلق المسبب الذي هو الرزق وأريد سببه الذي هو المطر للملابسة القوية التي بين السبب والمسبب.

ومعلوم أن البلاغيين ومن وافقهم، يزعمون أن مثل ذلك من نوع ما يسمونه المجاز المرسل، وأن الملابسة بين السبب والمسبب من علاقات المجاز المرسل عندهم.

والثاني من الأمرين: أن غاية ما في ذلك أن الكلام على حذف مضاف، والتقدير: وإنه لذو علم للساعة، أي وإنه لصاحب إعلام الناس بقرب مجيئها، لكونه علامة لذلك، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه كثير في القرآن وفي كلام العرب، وإليه أشار في الخلاصة بقوله:

وما يلي المضاف يأت خلفا ... عنه في الإعراب إذا ما حذفا

وهذا الأخير أحد الوجهين اللذين وجه بهما علماء العربية النعت بالمصدر، كقولك: زيد كَرَمٌ وعمرو عَدْلٌ، أي ذو كرم وذو عدل، كما قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ}، وقد أشار