للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبيان ذلك هو ما قاله الفهري كما ذكره عنه صاحب الضياء اللامع، وهو أنها كما أنها لا تقتضي الترتيب ولا المعية، فكذلك لا تقتضي المنع منهما.

فقد يكون العطف بها مع قصد الاهتمام بالأول، كقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية، بدليل الحديث المتقدم.

وقد يكون المعطوف بها مرتبًا، كقول حسان:

• هجوت محمدًا وأجبت عنه *

على رواية الواو.

وقد يراد بها المعية، كقوله: {فَأَنْجَينَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ}، وقوله: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)}، ولكن لا تحمل على الترتيب ولا على المعية إلَّا بدليل منفصل.

الوجه الثاني: أن معنى {مُتَوَفِّيكَ} أي مُنِيمك ورافعك إلي، أي في تلك النومة.

وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}، وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}، وعزى ابن كثير هذا القول للأكثرين، واستدل بالآيتين المذكورتين.

الوجه الثالث: أن (متوفيك) اسم فاعل توفاه، إذا قبضه وحازه إليه، ومنه قولهم: توفى فلان دينه إذا قبضه إليه، فيكون معنى متوفيك على هذا: قابضك منهم إلي حيًّا، وهذا القول هو اختيار ابن جرير.