اللغوية، فإن لفظ المتوفي حينئذٍ يدل في الجملة على الموت، ولكن سترى إن شاء الله أنه وإن دل على ذلك في الجملة، لا يدل على أن عيسى قد توفي فعلًا.
وقد ذكرنا في كتابنا:"دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" في سورة آل عمران، وجه عدم دلالة الآية على موت عيسى فعلًا، أعني قوله تعالى:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} ، فقلنا ما نصه:
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: أن قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت، ولا يدل على كونه قد مضى، وهو متوفيه قطعًا يومًا ما، ولكن لا دليل على أن ذلك اليوم قد مضى.
وأما عطفه (ورافعك إلي) على قوله: (متوفيك) فلا دليل فيه؛ لإِطباق جمهور أهل اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك.
وقد ادعى السيرافي والسهيلي إجماع النحاة على ذلك، وعزاه الأكثر للمحققين، وهو الحق، خلافًا لما قاله قطرب والفراء وثعلب وأبو عمرو الزاهد وهشام والشافعي من أنها تفيد الترتيب لكثرة استعمالها فيه.
وقد أنكر السيرافي ثبوت هذا القول عن الفراء، وقال لم أجده في كتابه، وقال ولي الدين: أنكر أصحابنا نسبة هذا القول إلى الشافعي. حكاه عنه صاحب الضياء اللامع.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - :"أبدأ بما بدأ الله به" يعني الصفا، لا دليل فيه على اقتضائها الترتيب.