وهذا هو المقرر في أصول الشافعي وأحمد، وهو المقرر في أصول مالك، إلا أنهم في الفروع ربما لم يعتمدوه في بعض المسائل.
وإلى تقديم الحقيقة العرفية على الحقيقة اللغوية أشار في مراقي السعود بقوله:
واللفظ محمول على الشرعي ... إن لم يكن فمطلق العرفي
فاللغوي على الجلي ولم يجب ... بحث عن المجاز في الذي انتخب
المذهب الثاني: هو تقديم الحقيقة اللغوية على العرفية، بناء على أن العرفية وإن ترجحت بعرف الاستعمال، فإن اللغوية مترجحة بأصل الوضع.
وهذا القول مذهب أبي حنيفة رحمه الله.
المذهب الثالث: أنه لا تقدم العرفية على اللغوية، ولا اللغوية على العرفية، بل يحكم باستوائهما ومعادلة الاحتمالين فيهما، فيحكم على اللفظ بأنه مجمل، لاحتمال هذه واحتمال تلك.
وهذا اختيار ابن السبكي، ومن وافقه.
وإلى هذين المذهبين الأخيرين أشار في مراقي السعود بقوله:
ومذهب النعمان عكس ما مضى ... والقول بالإِجمال فيه مرتضى
وإذا علمت هذا، فاعلم أنه على المذهب الثاني، الذي هو تقديم الحقيقة اللغوية على العرفية، فإن قوله تعالى:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} لا يدل إلا على أنه قبضه إليه بروحه وجسمه، ولا يدل على الموت أصلًا، كما أن توفي الغريم لِدَينه لا يدل على موت دَينه.
وأما على المذهب الأول: وهو تقديم الحقيقة العرفية على