قال مقيده - عفا الله عنه -: أقوى الأقوال فيما يظهر لي حجة هو قول من قال: إن كل ما يسمى سفرا ولو قصيرا تقصر فيه الصلاة؛ لإطلاق السفر في النصوص، ولحديثي مسلم المتقدمين، وحديث سعيد بن منصور، وروى ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن مسعر، عن محارب، سمعت ابن عمر يقول:"إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر". وقال الثوري: سمعت جبلة بن سحيم، سمعت ابن عمر يقول:"لو خرجت ميلا قصرت الصلاة".
قال ابن حجر: في الفتح. إسناد كل منهما صحيح. اهـ. والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثالث: يبتدىء المسافر القصر، إذا جاوز بيوت بلده بأن خرج من البلد كله، ولا يقصر في بيته إذا نوى السفر، ولا في وسط البلد، وهذا هو قول جمهور العلماء، منهم الأئمة الأربعة، وأكثر فقهاء الأمصار، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قصر بذي الحليفة، وعن مالك أنه إذا كان في البلد بساتين مسكونة أن حكمها حكم البلد، فلا يقصر حتى يجاوزها.
واستدل الجمهور على أنه لا يقصر إلا إذا خرج من البلد بأن القصر مشروط بالضرب في الأرض، ومن لم يخرج من البلد لم يضرب في الأرض.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن أراد السفر قصر وهو في منزله، وذكر ابن المنذر، عن الحارث ابن أبي ربيعة، أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله، وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب ابن مسعود، قال: وروينا معناه عن عطاء، وسليمان