بامرأة من جهينة تزوجت، فولدت لستة أشهر، فبعث بها عثمان لِتُرجَم، اعتقادًا منه أنها كانت حاملًا قبل العقد، لولادتها قبل تسعة أشهر، فقال له علي رضي الله عنهما: إن الله يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، ويقول جل وعلا:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَينِ} فلم يبق عن الفصال من المدة إلا ستة أشهر.
فما عبد عثمان رضي الله عنه أن بعث إليها لِتُرَدَّ ولا ترجم.
ومحل الشاهد من القصة:"فوالله ما عبد عثمان"، أي ما أنف ولا استنكف من الرجوع إلى الحق.
الوجه الثالث: أن المعنى {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} أي الجاحدين النافين أن يكون لله ولد، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له:
الذي يظهر لي في معنى هذه الآية الكريمة: أنه يتعين المصير إلى القول بأن (إن) نافية، وأن القول بكونها شرطية لا يمكن أن يصح له معنى بحسب وضع اللغة العربية التي نزل بها القرآن، وإن قال به جماعة من أجلاء العلماء.
وإنما اخترنا أن {إِنْ} هي النافية لا الشرطية، وقلنا إن المصير إلى ذلك متعين في نظرنا؛ لأربعة أمور:
الأول: أن هذا القول جار على الأسلوب العربي، جريانًا واضحًا لا إشكال فيه، فكون (إن كان) بمعنى ما كان، كثير في القرآن وفي كلام العرب، كقوله تعالى:{إِنْ كَانَتْ إلا صَيحَةً وَاحِدَةً} أي ما كانت إلا صيحة واحدة.
فقولك مثلًا: معنى الآية الكريمة: ما كان لله ولد، فأنا أول العابدين الخاضعين للعظيم الأعظم المنزه عن الولد، أو الآنفين