المستنكفين من أن يوصف ربنا بما لا يليق بكماله وجلاله من نسبة الولد إليه، أو الجاحدين النافين أن يكون لربنا ولد، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا = لا إشكال فيه؛ لأنه جار على اللغة العربية التي نزل بها القرآن، دال على تنزيه الله تنزيهًا تامًّا عن الولد، من غير إيهامٍ البتة لخلاف ذلك.
الأمر الثاني: أن تنزيه الله عن الولد، بالعبارات التي لا إيهام فيها، هو الذي جاءت به الآيات الكثيرة في القرآن، كما قدمنا إيضاحه في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} الآية، وفي سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيئًا إِدًّا (٨٩)}، والآيات الكثيرة التي ذكرناها في ذلك تبين أن {إِنْ} نافية.
فالنفي الصريح الذي لا نزاع فيه يبين أن المراد في محل النزاع النفي الصريح.
وخير ما يفسر به القرآن القرآن، فكون المعبَّر في الآية: ما كان للرحمن ولد، بصيغة النفي الصريِح، مطابق لقوله تعالى في آخر سورة بني إسرائيل:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} الآية، وقوله تعالى في أول الفرقان:{وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} الآية، وقوله تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} الآية، وقوله تعالى؛ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)}، وقوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١)} إلى غير ذلك من الآيات.
وأما على القول بأن (إن) شرطية، وأن قوله تعالى: {فَأَنَا أَوَّلُ