الْعَابِدِينَ (٨١)} جزاء لذلك الشرط، فإن ذلك لا نظير له البتة في كتاب الله، ولا توجد فيه آية تدل على مثل هذا المعنى.
الأمر الثالث: هو أن القول بأن {إِنْ} شرطية لا يمكن أن يصح له معنى في اللغة العربية، إلا معنى محذور لا يجوز القول به بحال، وكتاب الله جل وعلا يجب تنزيهه عن حمله على معان محذورة لا يجوز القول بها.
وإيضاح هذا أنه على القول بأن {إِنْ} شرطية، وقوله: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} جزاء الشرط، لا معنى لصدقه البتة إلا بصحة الربط بين الشرط والجزاء.
والتحقيق الذي لا شك فيه أن مدار الصدق والكذب في الشرطية المتصلة، منصب على صحة الربط بين مقدمها الذي هو الشرط وتاليها الذي هو الجزاء، والبرهان القاطع على صحة هذا هو كون الشرطية المتصلة تكون في غاية الصدق مع كذب طرفيها معًا أو أحدهما، لو أزيلت أداة الربط بين طرفيها، فمثال كذبهما معًا مع صدقها قوله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} فهذه قضية في غاية الصدق كما ترى، مع أنها لو أزيلت أداة الربط بين طرفيها كان كل واحد من طرفيها قضية كاذبة بلا شك، ونعني بأداة الربط لفظة (لو) من الطرف الأول، واللام من الطرف الثاني، فإنهما لو أزيلا وحذفا صار الطرف الأول:(كان فيهما آلهة إلا الله)، وهذه قضية في منتهى الكذب، وصار الطرف الثاني:(فسدتا) أي السماوات والأرض، وهذه قضية في غاية الكذب كما ترى.