صحة الربط بين الطرفين وعدم صحته، فإن كان الربط صحيحًا فهي صادقة ولو كذب طرفاها أو أحدهما عند إزالة الربط، وإن كان الربط بينهما كاذبًا كانت كاذبة، كما لو قلت: لو كان هذا إنسانًا لكان حجرًا، فكذب الربط بينهما وكذب القضية بسببه كلاهما واضح.
وأمثلة صدق الشرطية مع كذب طرفيها كثيرة جدًّا، كالآية التي ذكرنا، وكقولك: لو كان الإِنسان حجرًا لكان جمادًا، ولو كان الفرس ياقوتًا لكان حجرًا، فكل هذه القضايا ونحوها صادقة مع كذب طرفيها لو أزيلت أداة الربط.
ومثال صدقها مع كذب أحدهما قولك: لو كان زيد في السماء ما نجا من الموت، فإنها شرطية صادقة لصدق الربط بين طرفيها، مع أنها كاذبة أحد الطرفين دون الآخر، لأن عدم النجاة من الموت صدق، وكون زيد في السماء كذب. هكذا مثل بهذا المثال البناني، وفيه عندي أن هذه الشرطية التي مثل بها اتفاقية لا لزومية، ولا دخل للاتفاقيات في هذا البحث، والمثال الصحيح: لو كان الإِنسان حجرًا لكان جسمًا.
واعلم أن قومًا زعموا أن مدار الصدق والكذب في الشرطيات منصب على خصوص التالي الذي هو الجزاء، وأن المقدم الذي هو الشرط قيد في ذلك، وزعموا أن هذا المعنى هو المراد عند أهل اللسان العربي.
والتحقيق الأول، ولم يقل أحد البتة بقول ثالث في مدار الصدق والكذب في الشرطيات.