فإذا حققت هذا، فاعلم أن الآية الكريمة على القول بأنها جملة شرط وجزاء، لا يصح الربط بين طرفيها البتة بحال، على واحد من القولين اللذين لا ثالث لهما، إلا على وجه محذور لا يصح القول به بحال.
وإيضاح ذلك: أنه على القول الأخير، أن مصب الصدق والكذب في الشرطيات إنما هو التالي الذي هو الجزاء، وأن المقدم الذي هو الشرط قيد في ذلك، فمعنى الآية عليه باطل، بل هو كفر، لأن معناه أن كونه أول العابدين يشترط فيه أن يكون للرحمن ولد، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا؛ لأن مفهوم الشرط أنه إن لم يكن له ولد لم يكن أول العابدين، وفساد هذا المعنى كما ترى.
وأما على القول الأول الذي هو الصحيح، أن مدار الصدق والكذب في الشرطيات على صحة الربط بين طرفي الشرطية، فإنه على القول بأن الآية الكريمة جملة شرط وجزاء، لا يصح الربط بين طرفيها البتة أيضًا إلا على وجه محذور لا يجوز المصير إليه بحال، لأن كون المعبود ذا ولد، واستحقاقه هو أو ولده العبادة، لا يصح الربط بينهما البتة إلا على معنى هو كفر بالله؛ لأن المستحق للعبادة لا يعقل بحال أن يكون ولدًا أو والدًا.
وبه تعلم أن الشرط المزعوم في قوله:{إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} إنما يعلق به محال، لاستحالة كون الرحمن ذا ولد، ومعلوم أن المحال لا يعلق عليه إلا المحال.
فتعليق عبادة الله التي هي أصل الدين على كونه ذا ولد ظهور