للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن التعليق بلو يدل على عدم الشرط، وعدم الشرط استلزم عدم المشروط، بخلاف إن، فالتعليق بها يدل على الشك في وجود الشرط، بلا نزاع، وما خرج عن ذلك من التعليق بها مع العلم بوجود الشرط أو العلم بنفيه، فأسباب أخر، وأدلة خارجة، ولا يجوز حملها على أحد الأمرين المذكورين إلا بدليل منفصل، كما أوضحناه في غير هذا الموضع.

تنبيه

اعلم أن ما ذكرنا من أن (لو) تقتضي عدم وجود الشرط، وأن (إن) تقتضي الشك فيه، لا يرد عليه قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ} الآية، كما أشرنا له قريبًا؛ لأن التحقيق أن الخطاب في قوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ} خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمراد به من يمكن أن يشك في ذلك من أمته.

وقد قدمنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية، دلالة القرآن الصريحة على أنه - صلى الله عليه وسلم - يتوجه إليه الخطاب من الله والمراد به التشريع لأمته، ولا يراد هو - صلى الله عليه وسلم - البتة بذلك الخطاب.

وقدمنا هناك أن من أصرح الآيات القرآنية في ذلك قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الآية، فالتحقيق أن الخطاب له - صلى الله عليه وسلم - والمراد أمته لا هو نفسه؛ لأنه هو المشرع لهم بأمر الله.

وإيضاح ذلك أن معنى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} أي إن يبلغ عندك الكبر يا نبي الله والداك أو أحدهما فلا تقل لهما أفٍّ.