للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الأثرم، عن أحمد -رحمه الله- أن هذا الاحتجاج كلام ليس يفقهه كل الناس، وحمل الإمام أحمد حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة في حجة الوداع عشرا يقصر الصلاة على هذا المعنى الذي ذكرنا عنه، وأن أنسا أراد مدة إقامته بمكة ومنى ومزدلفة.

قال مقيده - عفا الله عنه -: وهذا لا ينبغي العدول عنه، لظهور وجهه، ووضوح أنه الحق.

تنبيه: حديث أنس هذا الثابت في الصحيح، لا يعارضه ما ثبت في الصحيح أيضا، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا". لأن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في غزوة الفتح، وحديث أنس في حجة الوداع، وحديث ابن عباس محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان ناويا الإقامة، والإقامة المجردة عن النية لا تقطع حكم السفر عند الجمهور. والله تعالى أعلم.

واحتج أبو حنيفة -رحمه الله- لأنها نصف شهر، بما روى أبو داود من طريق ابن إسحاق، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح خمسة عشر؛ يقصر الصلاة" وضعف النووي في "الخلاصة رواية "خمسة عشر".

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وليس بجيد، لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد ابن إسحاق، فقد أخرجه النسائي، من رواية عراك بن مالك، عن عبيد الله، عن ابن عباس كذلك، واختار أبو حنيفة رواية خمسة عشر، عن رواية سبعة عشر، ورواية