طال مقامه من غير نية الإقامة-، ويدل له قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - مدة إقامته في مكة عام الفتح، كما ثبت في الصحيح، وما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان والبيهقي عن جابر قال:"أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة". وقد صحح هذا الحديث النووي وابن حزم، وأعله الدارقطني في العلل بالإرسال والانقطاع، وأن علي بن المبارك وغيره من الحفاظ رووه عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلا، وأن الأوزاعي رواه عن يحيى، عن أنس فقال:"بضع عشرة". وبهذا اللفظ أخرجه البيهقي وهو ضعيف. قال البيهقي بعد إخراجه له: ولا أراه محفوظا، وقد روي من وجه آخر عن جابر "بضع عشرة" اهـ. وقد اختلف فيه على الأوزاعي ذكره الدارقطني في العلل، وقال: الصحيح عن الأوزاعي عن يحيى أن أنسا كان يفعله. قال ابن حجر: ويحيى لم يسمع من أنس.
وقال النووي في شرح المهذب: قلت ورواية المسند تفرد بها معمر بن راشد، وهو إمام مجمع على جلالته، وباقي الإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم، فالحديث صحيح؛ لأن الصحيح أنه إذا تعارض الحديث في إرسال وإسناد، حكم بالمسند. اهـ. منه وعقده صاحب المراقي بقوله:
والرفع والوصل وزيد اللفظ ... مقبولة عند إمام الحفظ
الخ .. واستدل أيضا من قال بأن الإقامة المجردة عن النية لا تقطع حكم السفر بما أخرجه أبو داود، والترمذي من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما - قال: "غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهدت