للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن إعلالهما لا يصح، ولهذا أشار في الخلاصة بقوله:

وإن لحرفين ذا الاعلال استحق ... صحح أولٌ وعكس قد يحق

• قول تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨)}.

ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن من كفر بالله وبآيات الله ولم يؤمن بذلك مع ظهور الأدلة والبراهين على لزوم الإِيمان بالله وآياته، أنه يستبعد أن يؤمن بشيء آخر، لأنه لو كان يؤمن بحديث لآمن بالله وبآياته لظهور الأدلة على ذلك، وأن من لم يؤمن بآيات الله متوعد بالويل، وأنه أفاك أثيم، والأفاك: كثير الإِفك وهو أسوأ الكذب، والأثيم: هو مرتكب الإِثم بقلبه وجوارحه، فهو مجرم بقلبه ولسانه وجوارحه = قد ذكره تعالى في غير هذا الموضع، فتوعد المكذبين لهذا القرآن بالويل يوم القيامة، وبين استبعاد إيمانهم بأي حديث بعد أن لم يؤمنوا بهذا القرآن، وذلك بقوله في آخر المرسلات: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠) فقوله تعالى: {وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)} كقوله هنا: {وَيلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧)}.

وقد كرر تعالى وعيد المكذبين بالويل في سورة المرسلات كما هو معلوم، وقوله في آخر المرسلات: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)} كقوله هنا في الجاثية: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦)}.

ومعلوم أن الإيمان بالله على الوجه الصحيح يستلزم الإِيمان بآياته، وأن الإِيمان بآياته كذلك يستلزم الإِيمان به تعالى.