وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨)} يدل على أن من يسمع القرآن يتلى ثم يصر على الكفر والمعاصي في حالة كونه متكبرًا عن الانقياد إلى الحق الذي تضمنته آيات القرآن كأنه لم يسمع آيات الله، له البشارة يوم القيامة بالعذاب الأليم وهو الخلود في النار.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى في لقمان: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٧)}، وقوله تعالى في الحج: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢)}، وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَال آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦)}، فقوله تعالى عنهم:{مَاذَا قَال آنِفًا} يدل على أنهم ما كانوا يبالون بما يتلو عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الآيات والهدى.
وقد ذكرنا كثيرًا من الآيات المتعلقة بهذا المبحث في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى: {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٤) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَينِنَا وَبَينِكَ حِجَابٌ} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية:{كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} خففت فيه لفظة (كأن)، ومعلوم أن (كأن) إذا خففت كان اسمها مقدرًا وهو ضمير الشأن والجملة خبرها، كما قال في الخلاصة:
وخففت كأن أيضًا فَنُوي ... منصوبها وثابتًا أيضًا رُوي