وعلى الأول، فالمعنى: هذا القرآن ذو هدى، أي يحصل بسببه الهدى لمن اتبعه، كقوله:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.
وعلى الثاني، فالمعنى: أن المراد المبالغة في اتصاف القرآن بالهدى حتَّى أطلق عليه أنَّه هو نفس الهدى.
وقوله في هذه الآية الكريمة:(لهم عذاب من رجز أليم)، أصح القولين فيه أن المراد بالرجز العذاب، ولا تكرار في الآية؛ لأن العذاب أنواع متفاوتة، والمعنى: لهم عذاب من جنس العذاب الأليم، والأليم معناه المؤلم، أي الموصوف بشدة الألم وفظاعته.
والتحقيق إن شاء الله: أن العرب تطلق الفعيل وصفًا بمعنى المُفْعِل، فما يذكر عن الأصمعي من أنَّه أنكر ذلك إن صح عنه فهو غلط منه، لأن إطلاق الفعيل بمعنى المُفْعِل معروف في القرآن العظيم وفي كلام العرب، ومن إطلاقه في القرآن العظيم قوله تعالى:{عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي مؤلم، وقوله تعالى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي مبدعهما، وقوله تعالى:{إِنْ هُوَ إلا نَذِيرٌ لَكُمْ} الآية، أي منذر لكم، ونظير ذلك من كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب:
أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
فقوله:"الداعي السميع" يعني الداعي المُسْمِع. وقوله أيضًا: