للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)} ثم أقام البرهان على أنَّه هو الإِله الواحد بقوله بعده: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَينَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)}.

فتلبس خلقه للسماوات والأرض بالحق واضح جدًّا من قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله: {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)} بعد قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، لأن إقامة البرهان القاطع على صحة معنى لا إله إلَّا الله هو أعظم الحق.

وكقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} لأن قوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} فيه معنى الإِثبات من لا إله إلَّا الله، وقوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} يتضمن معنى النفي منها على أكمل وجه وأتمه.

وقد أقام الله جل وعلا البرهان القاطع على صحة معنى لا إله إلَّا الله، نفيًا وإثباتًا، بخلقه للسماوات والأرض وما بينهما، في قوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} الآية.

وبذلك تعلم أنَّه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلَّا خلقًا متلبسًا بأعظم الحق، الذي هو إقامة البرهان القاطع على توحيده جل