{وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} أي ومن لا يقدر أن يخلق شيئًا لا يصح أن يكون معبودًا بحال، وقال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢)} الآية.
ولما بين تعالى في أول سورة الفرقان، صفات من يستحق أن يعبد، ومن لا يستحق ذلك، قال في صفات من يستحق العبادة: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)} وقال في صفات من لا يصح أن يعبد: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} الآية.
والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًّا، وكل تلك الآيات تدل دلالةً واضحةً على أنَّه تعالى ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلَّا خلقًا متلبسًا بالحق.
وقد بيَّن جل وعلا أن من الحق الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما، خلقًا متلبسًا به، تعليمه خلقه أنَّه تعالى على كل شيء قدير، وأنه قد أحاط بكل شيء علمًا، وذلك في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَينَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْمًا (١٢)}.
فلام التعليل في قوله:(لتعلموا) متعلقة بقوله: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} الآية، وبه تعلم أنَّه ما خلق السماوات السبع، والأرضين السبع، وجعل الأمر يتنزل بينهن، إلَّا خلقًا متلبسًا بالحق.
ومن الحق الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما خلقًا متلبسًا به، هو تكليف الخلق، وابتلاؤهم أيهم أحسن عملًا، ثم جزاؤهم على أعمالهم، كما قال تعالى في أول سورة هود: {وَهُوَ