للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلقًا متلبسًا به، جزاء الناس بأعمالهم، كقوله تعالى في النجم: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)}.

فقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي هو خالقهما ومن فيهما {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا} الآية.

ويوضح ذلك قوله تعالى في يونس: {إِلَيهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٤)}.

ولما ظن الكفار أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلًا، لا لحكمة تكليف وحساب وجزاء، هددهم بالويل من النار، بسبب ذلك الظن السيء، في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)}.

وقد نزه تعالى نفسه عن كونه خلق الخلق عبثًا، لا لتكليف وحساب وجزاء، وأنكر ذلك على من ظنه، في قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَينَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)}.

فقوله تعالى: {فَتَعَالى اللَّهُ} أي تنزه وتعاظم وتقدس عن أن يكون خلقهم لا لحكمة تكليف وبعث، وحساب وجزاء.

وهذا الذي نزه تعالى عنه نفسه، نزهه عنه أولو الألباب، كما قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} إلى قوله: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١)}، فقوله