للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلم أن ما ذهب إليه بعض أهل العلم، قائلين إنه يفهم من هذه الآية، من أن المؤمنين من الجن لا يدخلون الجنة، وأن جزاء إيمانهم وإجابتهم داعي الله هو الغفران وإجارتهم من العذاب الأليم فقط، كما هو نص الآية، كله خلاف التحقيق.

وقد أوضحنا ذلك في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب، عن آيات الكتاب" في الكلام على هذه الآية من سورة الأحقاف، فقلنا فيه ما نصه:

هذه الآية يفهم من ظاهرها، أن جزاء المطيع من الجن غفران ذنوبه، وإجارته من عذاب أليم، لا دخوله الجنة.

وقد تمسك جماعة من العلماء منهم الإِمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى بظاهر هذه الآية، فقالوا إن المؤمنين المطيعين من الجن لا يدخلون الجنة، مع أنه جاء في آية أخرى ما يدل على أن مؤمنيهم في الجنة، وهي قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)}؛ لأنه تعالى بين شموله للجن والإنس، بقوله {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)}.

ويستأنس لهذا بقوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}، فإنه يشير إلى أن في الجنة جنًا يطمثون النساء كالإِنس.

والجواب عن هذا: أن آية الأحقاف نُصَّ فيها على الغفران والإِجارة من العذاب، ولم يُتَعَرَّض فيها لدخول الجنة بنفي ولا إثبات، وآية الرحمن نص فيها على دخولهم الجنة؛ لأنه تعالى قال فيها: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)}.

وقد تقرر في الأصول أن الموصولات من صيغ العموم،