وقولك: رأيت أسدًا، لا يفهم منه عدم رؤيتك لغير الأسد.
والقول بالفرق بين اسم الجنس فيعتبر، واسم العين فلا يعتبر، لا يظهر.
فلا عبرة بقول الصيرفي وأبي بكر الدقاق وغيرهما من الشافعية، ولا بقول ابن خويز منداد وابن القصار من المالكية، ولا بقول بعض الحنابلة، باعتبار مفهوم اللقب؛ لأنه لا دليل على اعتباره عند القائل به، إلا أنه يقول: لو لم يكن اللقب مختصًّا بالحكم لما كان لتخصيصه بالذكر فائدة، كما علل به مفهوم الصفة؛ لأن الجمهور يقولون: ذُكِرَ اللقبُ لِيُسْنَدَ إليه، وهو واضح لا إشكال فيه.
وأشار صاحب مراقي السعود إلى تعريف اللقب بالاصطلاح الأصولي وأنه أضعف المفاهيم بقوله:
أضعفها اللقب وهو ما أُبِي ... من دونه نظم الكلام العربي
وحاصل فقه هذه المسألة: أن الجن مكلفون على لسان نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، بدلالة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وأن كافرهم في النار بإجماع المسلمين، وهو صريح قوله تعالى: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)}، وقوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥)}، وقوله تعالى:{قَال ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ} إلى غير ذلك من الآيات، وأن مؤمنيهم اختلف في دخولهم الجنة، ومنشأ الخلاف الاختلاف في فهم الآيتين المذكورتين، والظاهر دخولهم الجنة كما بينا، والعلم عند الله تعالى. اهـ. بلفظه.