للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنه إذا جاء وقت العصر، فقد ذهب وقت الظهر، والرواية المشهورة عن مالك -رحمه الله تعالى- أن هذا الذي ذكرنا تحديده بالأدلة هو وقت الظهر الاختياري، وأن وقتها الضروري يمتد بالاشتراك مع العصر إلى غروب الشمس. وروي نحوه عن عطاء، وطاوس.

والظاهر أن حجة أهل هذا القول الأدلة الدالة على اشتراك الظهر والعصر في الوقت، فمنها حديث ابن عباس المشار إليه سابقا "فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في الأول" وعن ابن عباس أيضا قال: "جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير خوف، ولا سفر" متفق عليه، وفي رواية لمسلم "من غير خوف، ولا مطر"، فاستدلوا بهذا على الاشتراك، وقالوا أيضا: الصلوات زيد فيها على بيان جبريل في اليوم الثاني، فينبغي أن يزاد في وقت الظهر.

قال مقيده - عفا الله عنه -: الظاهر سقوط هذا الاستدلال، أما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس "فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر، في اليوم الأول" فيجاب عنه بما أجاب به الشافعي -رحمه الله- وهو أن معنى صلاته للظهر في اليوم الثاني فراغه منها. كما هو ظاهر اللفظ، ومعنى صلاته للعصر في ذلك الوقت وفي اليوم الأول ابتداء الصلاة، فيكون قد فرغ من صلاة الظهر في اليوم الثاني عند كون ظل الشخص مثله، وابتدأ صلاة العصر في اليوم الأول منذ كون ظل الشخص مثله أيضا، فلا يلزم الاشتراك، ولا إشكال في ذلك، لأن آخر وقت