وعبد الرحمن بن عوف في المرأة تطهر قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، والظاهر أن حجة هذا القول بامتداد وقت الضرورة للمغرب إلى طلوع الفجر كما هو مذهب مالك ما ثبت في الصحيح أيضا من أنه - صلى الله عليه وسلم - "جمع بين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا سفر"، فقد روى الشيخان في صحيحيهما عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء" ومعناه: أنه يصلي السبع جميعا في وقت واحد، والثمان كذلك كما بينته رواية البخاري في باب وقت المغرب عن ابن عباس قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "سبعا جميعا وثمانيا جميعا". وفي لفظ لمسلم، وأحمد، وأصحاب السنن إلا ابن ماجه "جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته" وبه تعلم أن قول مالك في الموطأ: لعل ذلك لعلة المطر غير صحيح. وفي لفظ أكثر الروايات من غير خوف ولا سفر.
وقد قدمنا أن هذا الجمع يجب حمله على الجمع الصوري؛ لما تقرر في الأصول من أن الجمع واجب إذا أمكن، وبهذا الحمل تنتظم الأحاديث، ولا يكون بينها خلاف. ومما يدل على أن الحمل المذكور متعين ما أخرجه النسائي عن ابن عباس بلفظ "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب، وعجل العشاء" فهذا ابن عباس راوي حديث الجمع قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري، فرواية النسائي هذه صريحة