وهو لا يشك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرأف وأرحم بالأمة منه؛ لأن الله وصفه - صلى الله عليه وسلم - في القرآن بأنه رؤوف رحيم.
فلو كان صوم الستة يلزمه المحذور الذي كرهها مالك من أجله، لما رغب فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولراعى المحذور الذي راعاه مالك.
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - ألغى المحذور المذكور وأهدره، لعلمه بأن شهر رمضان أشهر من أن يلتبس بشيء من شوال.
كما أن النوافل المرغب فيها قبل الصلوات المكتوبة وبعدها لم يكرهها أحد من أهل العلم خشية أن يلحقها الجهلة بالمكتوبات؛ لشهرة المكتوبات الخمس وعدم التباسها بغيرها.
وعلى كل حال، فإنه ليس لإِمام من الأئمة أن يقول: هذا الأمر الذي شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكروه، لخشية أن يظنه الجهال من جنس الواجب.
وصيام الستة المذكورة، وترغيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثابت عنه.
قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر جميعًا، عن إسماعيل، قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني سعد بن سعيد بن قيس، عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر". انتهى منه بلفظه.
وفيه التصريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالترغيب في صوم الستة المذكورة، فالقول بكراهتها من غير مستند من أدلة الوحي خشية