وهو صريح بأن القمح والشعير جنسان مختلفان، كاختلافهما مع التمر والملح، وأن التفاضل جائز مع اختلاف الجنس إن كان يدًا بيد.
وروى مسلم في صحيحه والإِمام أحمد عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد". اهـ منه بلفظه.
وللنسائي وابن ماجه وأبي داود نحوه، وفي آخره: وأمرنا أن نبيع البر بالشعير والشعير بالبر، يدًا بيد، كيف شئنا.
قال المجد في المنتقى لما ساق هذا الحديث ما نصه: وهو صريح في كون البر والشعير جنسين. وما قاله صحيح كما ترى.
والأحاديث بمثل هذا كثيرة، وقد قدمنا طرفًا منها في سورة البقرة، والمقصود هنا بيان صراحة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أن القمح والشعير جنسان لا جنس واحد، وأنها لا يجوز ترك العمل بها مع صحتها ووضوحها، ولا أن يقدم عليها أثر موقوف على سعد بن أبي وقاص، ولا أثر موقوف على عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، ولا أثر موقوف على ابن معيقيب.
واعلم أنه لا يصح الاستدلال لكون القمح والشعير جنسًا واحدًا بحديث معمر بن عبد الله الثابت في صحيح مسلم وغيره، قال: كنت أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"الطعام بالطعام مثلًا بمثل" الحديث.
وذلك لأمرين: أحدهما: أن معمر المذكور قال في آخر الحديث: وكان طعامهم يومئذٍ الشعير. فقد عين أن عرفهم المقارن للخطاب يخصص الطعام المذكور بالشعير.