راجعةٌ إلى المصدر الكامن في الفعل الصناعي، أعني قوله:{يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ}، أي ذلك الضرب وقت الموت واقع بسبب أَنَّهُم {اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ}، أي أغضبه من الكفر به، وطاعة الكفار الكارهين لما نزله.
والإِسخاط استجلاب السخط، وهو الغضب هنا.
وقوله:{وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} لأن من أطاع من كره ما نزل الله فقد كره رضوان الله؛ لأن رضوانه تعالى ليس إلا في العمل بما نزل، فاستلزمت كراهة ما نزل كراهة رضوانه؛ لأن رضوانه فيما نزل، ومن أطاع كارهه فهو ككارهه.
وقوله:{فَأَحْبَطَ أَعْمَالهُمْ} أي أبطلها؛ لأن الكفر سيئة لا تنفع معها حسنة.
وقد أوضحنا المقام في ذلك إيضاحًا تامًّا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)}، وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} الآية.
واعلم أن هذه الآية الكريم، قد قال بعض العلماء: إنها نزلت في المنافقين.
وقال بعضهم: إنها نزلت في اليهود، وأن المنافقين أو اليهود قالوا للكفار الذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم في بعض الأمر، وهو عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعويق عن الجهاد، ونحو ذلك.