وبينا ذلك بالآيات القرآنية في الكلام على قوله تعالى:{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيهِ}.
وقد قدمنا مرارًا أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:(والله يعلم إسرارهم) قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة عن عاصم: (أسرارهم) بفتح الهمزة، جمع سر.
وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم:(إسرارهم) بكسر الهمزة، مصدر أسرَّ كقوله:(وأسررت لهم إسرارًا)، وقد قالوا لهم ذلك سرًّا فأفشاه الله العالِم بكل ما يسرون وما يعلنون.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَكَيفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} أي: فكيف يكون حال هؤلاء إذا توفتهم الملائكة؟ أي قبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم، في حال كونهم ضاربين وجوههم وأدبارهم.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الملائكة يتوفون الكفار وهم يضربون وجوههم وأدبارهم، جاء موضحًا في مواضع أخر من كتاب الله، كقوله تعالى في الأنفال:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}، وقوله في الأنعام:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} الآية، فقوله:{بَاسِطُو أَيدِيهِمْ} أي بالضرب المذكور.
والإِشارة في قوله:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ}