للمفعول، والفاعل المحذوف فيه الوجهان المذكوران آنفًا في فاعل {وَأَمْلَى لَهُمْ} على قراءة الجمهور بالبناء للفاعل.
وقد ذكرنا قريبًا ما يشهد لكل منهما من القرآن، كقوله تعالى في إملاء الشيطان لهم: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إلا غُرُورًا (١٢٠)}، وقوله في إملاء الله لهم: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ (١٨٣)}، كما تقدم قريبًا.
والإِشارة في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} راجعة إلى قوله تعالى: {الشَّيطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥)}.
أي ذلك التسويل والإِملاء المفضي إلى الكفر بسبب أنهم {قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ}.
وظاهر الآية يدل على أن بعض الأمر الذي قالوا لهم سنطيعكم فيه، مما نزل الله وكرهه أولئك المطاعون.
والآية الكريمة تدل على أن كل من أطاع من كره ما نزل الله في معاونته له على كراهته ومؤازرته له على ذلك الباطل، أنه كافر بالله، بدليل قوله تعالى فيمن كان كذلك: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)}.
وقد قدمنا ما يوضح ذلك من القرآن في سورة الشورى في الكلام على قوله تعالى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}، وفي مواضع عديدة من هذا الكتاب المبارك.
وبينا في سورة الشورى أيضًا شدة كراهة الكفار لما نزل الله،