ومما يوضح معنى آية القتال هذه قوله تعالى:{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} الآية، لأن قوله تعالى:{وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} من النصر الذي وعدكم الله به والغلبة وجزيل الثواب، وذلك كقوله هنا:{وَأَنتُمُ الْأَعلَوْنَ}، وقوله:{وَاللَّهُ مَعَكُمْ} أي بالنصر والإِعانة والثواب.
واعلم أن آية القتال هذه لا تعارض بينها وبين آية الأنفال، حتى يقال: إن إحداهما ناسخة للأخرى، بل هما محكمتان، وكل واحدة منهما منزلة على حال غير الحال التي نزلت عليه الأخرى.
فالنهي في آية القتال هذه في قوله تعالى:{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلِمِ} إنما هو عن الابتداء بطلب السلم.
والأمر بالجنوح إلى السلم في آية الأنفال محله فيما إذا ابتدأ الكفار بطلب السلم والجنوح لها، كما هو صريح قوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {وَاللَّهُ مَعَكُمْ} قد قدمنا