الآيات الموضحة له في آخر سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)}.
وهذا الذي ذكرنا في معنى هذه الآية أولى وأصوب مما فسرها به ابن كثير رحمه الله، وهو أن المعنى: لا تدعوا إلى الصلح والمهادنة وأنتم الأعلون، أي في حال قوتكم وقدرتكم على الجهاد.
أي، وأما إن كنتم في ضعف وعدم قوة فلا مانع من أن تدعوا إلى السلم أي الصلح والمهادنة، ومنه قول العباس بن مرداس السلمي:
السلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب تكفيك من أنفاسها جرع
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالكُمْ (٣٥)} أي لن ينقصكم شيئًا من ثواب أعمالكم.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة من عدم نقصه تعالى شيئًا من ثواب الأعمال، جاء موضحًا في آيات أخر، قوله تعالى:{وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئًا} أي لا ينقصكم من ثوابها شيئًا، وقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَينَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)}.
والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة، وقد قدمناها مرارًا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَلَن يَتِرَكُمْ} أصله من الوتر، وهو الفرد.