للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعظيمه واحترامه جاء مبينًا في مواضع أخر، كقوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} على القول بأن الضمير في تعزروه وتوقروه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} كما تقدم، وقوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} الآية.

وقوله هنا: (ولا تجهروا له بالقول) أي لا تنادوه باسمه: كَـ "يا محمد".

وقد دلت آيات من كتاب الله على أن الله تعالى لا يخاطبه في كتابه باسمه، وإنما يخاطبه بما يدل على التعظيم والتوقير، كقوله: {يَا أَيُّهَا النبيُّ}، {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)}، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)}، مع أنه ينادي غيره من الأنبياء بأسمائهم، كقوله: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ}، وقوله: {وَنَادَينَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) وقوله: {قَال يَانُوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِنْ أَهْلِكَ}، {قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ}، وقوله: {قَال يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ}، وقوله: {إِذْ قَال اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}، وقوله: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً}.

أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يذكر اسمه في القرآن في خطاب، وإنما يذكر في غير ذلك، كقوله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، وقوله: {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}، وقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}.

وقد بين تعالى أن توقيره واحترامه - صلى الله عليه وسلم - بغض الصوت عنده لا يكون إلا من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، أي أخلصها لها، وأن لهم بذلك عند الله المغفرة والأجر العظيم، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)}.